هذا الكتاب

"أعتقد أن أمل الخيميائي باستخلاص الذهب الفلسفي أو الدواء الشافي، أو الحجر الرائع من المادة، كان في جزء منه مجرد وهم. أما الباقي منه فمتوافق مع حقائق نفسية معينة تتمتع بأهمية كبيرة في نظر سيكولوجية اللاوعي. وكما يتبين من النصوص ورمزيتها، لقد أسقط الخيميائي ما أسميته عملية التفرد على ظاهرة التغير الكيميائي. ولا يعني مصطلح علمي مثل «التفرد» أننا نتعامل مع شيء معروف وتم توضيحه أخيرا، ولا مزيد ليقال عنه. بل هو يشير إلى مجال بحثي غامض للغاية حتى الآن، وما زال في حاجة ماسة إلى الاستكشاف: عمليات المركزة في اللاوعي التي تمضي لتشكيل الشخصية. نحن نتعامل هنا مع عمليات الحياة التي تتمتع - بسبب طابعها الروحي المقدس - منذ أقدم الأزمنة بأقوى حوافز لتشكيل الرموز. غارقة هذه العمليات تحت ستار الغموض. وهي تشكل الألغاز التي سيصارع العقل البشري طويلاً - وربما عبثاً – من أجل حلها. وفي التحليل الأخير، من المشكوك فيه للغاية ما إذا كان العقل البشري أداة مناسبة لهذا الغرض أصلاً. وليس عبثاً أنَّ سمًت الخيمياء نفسها «فناً»، إذ هي تشعر – وعن وجه حق – بأن مركز اهتمامها كان في العمليات الإبداعية التي لا يمكن فهمها حقاً إلا بالتجربة، وإن كان الذهن يمنحها اسماً. لقد حذرنا الخيميائيون أنفسهم: «مزقوا الكتب لئلا تنفطر قلوبكم»."