المؤلف: محمد الباردي
تاريخ النشر : 2016
الطبعة:
المترجم :
ISBN : 978-9933-523-50-3
"هي تدرك الآن أنّ الحياة تمضي بنا في اتّجاهات مختلفة، ولكنّها تريدني أن أتحدّث عن الحجّ الكبير وأكتب عن المزار. اتّخذتُ قراراً والتزمتُ به، وقد أتاحت لي الشّيخة فرصةً لأعيش حدثاً لا يتكرّر دائماً، وسأستمتع به، وسأظلّ أنتظر اللّحظة الّتي أرى فيها الشّيخة نور وهي تقود مريديها، وترتقي بهم إلى عالمٍ آخر. لم أصدّق ما رأيتُ. السّاحة المحيطة بالمزار في نشاطٍ غريبٍ. رجالٌ ونساءٌ يدخلون ويخرجون. السيّارات والعربات والدرّاجات تملأ الفضاء، والباعة استعادوا نشاطهم وروائح البخور والجاوي تفوح من كلّ مكانٍ. لقد بدأت الاستعدادات للحفل الكبير. سأصل في الوقت الّذي أريد. كان الطّقسُ خريفيّا بارداً. أسرعتُ قليلاً. بدأت الأصوات تصل إليّ. لم أستطع أن أتبيّن تلك المدائح والتّراتيل. نسيمٌ باردٌ خفيفٌ يمرّ على أذنيّ. أصواتٌ غريبةٌ. جلبةٌ وضوضاء تخرجان من المزار. الرّجال والنّساء يتسارعون. هل أخذهم الشّوق هم أيضا إلى وجه اللّه؟ صياحٌ وعويلٌ واندفاعٌ. أصابني الهلعُ. عدوتُ مع الرّجال والنّساء. انفجاراتٌ متلاحقةٌ. تتصاعد النّار. والدّخان يملأ سماء الجنوبيّة. أدركتُ أنّهم فجّروا المزار وأحرقوا المكان. صحتُ: نور، يا نور الجمني. في تلك اللّحظة اسودّت السّماءُ، وتلبّدت السّحبُ وهبّت الرّياحُ، وجاءت العاصفةُ. كانت عاصفةً هوجاءً. برقٌ ورعدٌ ورياحٌ ومطرٌ. لن يُطفِئَ النّارَ إلّا المطرُ والعاصفةُ. لن يُطفِئَ النّارَ إلّا... "