المؤلف: سيرو خانزاتيان
تاريخ النشر : 2015
الطبعة:
المترجم : نزار خليلي
ISBN : 978-9933-477-62-2
"لا أريد أن أتذكّر حياتي مع ثلاثمائة ألف، بل ربّما ثمانمائة أو تسعمائة ألف ميّت، يحيطون بي، ينعبون ويجأرون فوق رأسي، ولم يأخذوني معهم. كلّ ما أذكره هو أنني أعيش، والعيش مهما يكن، يبقى الأفضل، فمع الحياة يزول كلّ حزنٍ وألم، ويلتئم كلّ جرحٍ، ويُعالج كلّ شقاءٍ ويُنسى. الموت في الحرب أمرٌ عادي جدّاً، مثله كمثل العيش تماماً ــ عادي، بل هو ضروري، أو على الأصح، لا مفرّ منه. والموت ليس مُرعباً في ساحة الحرب، وليس ذلك لأنّ الإنسان جريءٌ بطبعهِ، جسورٌ، إلخ... بل لعدم توفّر الوقت للخوف. يبقى المقاتلون في الحرب أحياءً مصادفةً. الموت ليس مصادفةً، بل الحياة هي المصادفة. أبي ميّت، وأنا صغير، وخالي هو أمل مستقبلي، وها هو الآخر مكسور مثل منجله. وفي المساء عاد أخي إلى البيت مُتأخراً ليقول: ــ أعدّوا لي متاعي، فأنا ذاهب. وانخرطَتْ زوجته مع أُمّي في البكاء، ولم أطق ذلك فصحْتُ بهما حانقاً: ــ لماذا تبكيان؟ نحن الآن في حرب. وأنا معلمٌ في مدرسة القرية منذ سنة، وفي إجازة العطلة الصيفية. بي رغبة في الذهاب إلى شعبة التجنيد في المدينة لأتوسّل إليهم كي يأخذوني. ماذا أستطيع أن أفعل إذا كنْتُ ضعيفاً دائم المرض؟ أخشى، ولو استدعوني، ألا يُلحقوني بالخدمة، ويجددوا القول، أنت صغير، وغير سالم صحيّاً. وأبيْتُ الليل، أنتظر شروق الشمس مؤملاً. "