هذا الكتاب

"لماذا اختار نيتشه شخصية زارادشت الشرقيّ الفارسي ناطقاً باسمه؟ ولماذا صاغ عباراته بأسلوب يشبه أسلوب تدوين الأناجيل؟ لماذا واجه من النقد ما لم يواجهه في أي عمل آخر؟ هل كان الكتاب سبب إصابته بالجنون كما يزعم البعض؟ لماذا ألحق العنوان مباشرة بعبارة ""كتاب للجميع وليس لأحد""؟ أن يجتمع يونغ ونيتشه وزارادشت في هذا الكتاب، فتلك هي المعجزة بحق.لقد بدا الأمر بالنسبة إلي وكأن يونغ يشعر بالحزن لأن القَدَرَ لم يقف إلى جانبه ويجعله معاصراً لنيتشه، وحرمه من محاولة تحليل شخصية عظيمة يندر وجودها كشخصية نيتشه، ومحاولة علاجها، فأراد أن يتحدى القدر ويقوم بتحليل هذه الشخصية من خلال ما تركته خلفها من مؤلّفات.يرى يونغ أن نيتشه لم يجعل زارادشت ناطقاً باسمه فقط، بل تماهى معه بشكل كامل، فأصبح أشبه بنبيّ جديد يخبر الناس بأن الأوان قد آن لقدوم الإنسان الأعلى، حيث نرى يونغ حيناً يخاطب ""روح نيتشه"" أو ""عقله"" كمريض فصامي يظهر مرّة بهذه الصورة ومرّة بتلك، ونراه حيناً آخر يخاطب البشر، أو الحشد كمبشّر حكيم مكّنته تجاربه الخاصة من بلوغ الحقيقة المطلقة، ونراه حيناً ثالثاً متأرجحاً بين شخصيتين إحداهما دونية والأخرى فوقية قلّما نستطيع أن نراها بهذا الوضوح في كتب أخرى. كما نراه في خطب أخرى يخاطب ""قرينته""؛ ذلك الجانب الأنثوي من شخصيته. المترجم"