هذا الكتاب

"الفلسفة فاعلية مستمرة للعقل البشري. وتقسيمها إلى عصور تاريخية أمر تعسفي وغير واقعي إلى حد ما. غير أن المرحلة التي تبدأ بغاليلو وتنتهي بلايبنتز تتمتع بشيء من الوحدة. فهي تشهد ظهور العلوم الطبيعية، واستمرار أفول التصورات القروسطية عن المعرفة القائمة على مناهج أرسطو أفولاً كاد أن يكون نهائياً. فقد أكد العقل البشري تحرره من سلطة المناهج المدرسية في التفكير، وتحديه لها في مجالات ومواضيع مختلفة. والفلسفة بحث حر في حدود المعرفة الإنسانية، وفي أعم المقولات التي يمكن تطبيقها على التجربة والواقع. ويتوقف شرط الفلسفة في أي زمان، في الأساس، على فاعليتين مترابطتين، لكنهما قابلتان للتمييز من فاعليات العقل البشري، وهما المعتقد الديني والأخلاقي من ناحية، والبحث عن المعرفة الوضعية من ناحية أخرى. فعندما يقوم معتقد ديني، وتثبت جذوره، ويغدو غير قابل للتحدي بوجه عام، توضع حدود ضيقة للبحث الحر، للفلسفة. وحيثما يوجد عدم الاستقرار، أو الصراع في المعتقد الديني والأخلاقي، فإن المسائل الفلسفية تطرح نفسها بإلحاح خاص، وتكون عرضة أكثر للبحث الحر. من هذا المهاد يمضي هذا الكتاب إلى البحث في فلسفة ديكارت وباسكال، غاليلو وبيكون، هوبز وسبينوزا ولايبنتز."